بسم الله الرحمان الرحيم
نظرا للصعوبة التي يجدها التلاميد في الفلسفة نقدم تحليل و ملخصات رائعة استعملوها في المراجعة للفروض و الإمتحان الوطني الموحد الثانية باكالوريا
الوضع البشري
مقدمة
لقد أصبح من الضروري التساؤل عن طبيعة الوضع البشري لأن نظرتنا إلى الإنسان تختلف باختلاف الزاوية التي ننظر منها إليه .فإذا نظرنا إليه باعتباره شخصا فإننا نقاربه من زاوية الأخلاق أو القانون أو الميتافيزيقا ، وإذا نظرنا إليه في واقعه الاجتماعي وعلاقاته بالآخرين فإنه يعكس التمظهرات التي يظهر بها ، فهو إما شبيه أو مماثل أو عدو أي يعكس وضعا متميزا .
إن الإنسان كائن بيولوجي يخضع للمؤثرات الطبيعية والزمنية التي تنتمي إلى وجوده الطبيعي ككائن حي ؛ وفي نفس الوقت إنه كائن عاقل بامتياز ؛ بحيث أتاحت له ملكة العقل القدرة على التباعد أو الانفصال عن الوضع الطبيعي خالقا مجالات إنسانية خاصة وبدأ يؤرخ لوجوده ولكينونته ؛ وضمن هذه الكينونة الإنسانية نسج علاقات اجتماعية واقتصادية وثقافية. لهذا التجربة الذاتية لشخص ما لا يمكن إدراكها إلا ضمن الوجود الإنساني ككل ؛ فالأنا الفردي هي أنا جماعية ، أي أن التجربة التاريخية مشتركة رغم تميز الذوات عن بعضها البعض ، ولأن البعد الأساسي والوظيفي في الشخص حاضر .وهذا ما يعطي للوجود الإنساني بعدا رمزيا وثقافيا بصفته شخصا أخلاقيا وقانونيا مؤسسا علاقات تفاعل واندماج مع الغير .وكأن الآخر ضروري لتكوين الوعي بالذات ومعرفة خصوصيتها . من هنا نطرح الأسئلة التالية كيف تتناغم هوية الشخص مع هوية الجماعة ؟ وكيف يعيد الشخص بناء شروط وجوده ؟ وما دور الإنسان في صناعة التحولات التي تعرفها المجتمعات البشرية؟ هل الوجود الإنساني تجربة ذاتية منفردة أم تجربة تنتمي إلى التجربة الجماعية والتاريخية المشتركة؟
1 – الشخـــــــــــص
إنه من الصعوبة بمكان تحديد مفهوم الشخص كما أشار إلى ذلك إمانويل مونيه في مؤلفه حول الشخصانية ، لأنه ليس بشيء إنه كائن له شخصيته لا تتحدد فقط من خلال وظيفته أو سيماته الكلية بل من خلال خصوصيته التي تجعل منه كائنا متميزا ومتفردا . الشخص كيان نفسي واجتماعي واقتصادي ولسني ... يقول مونيه كنا ننتظر أن تعطي الشخصانية معنى للشخص ولكن في الواقع لم تحدد سوى المظهر الخارجي أي ما يمكن أن يقع عليه نظرنا في حين لم تستطع الغوص في الموضوع لأن الشخص ليس بشيء . وهكذا فالسمة الأساسية للشخص هي هويته ، وهذه الهوية تتشكل عبر نموه وتطوره من خلال علاقاته المتنوعة والمتداخلة مع الغير القريب والبعيد ، وتكون اللغة الحامل للمعطيات الأولية لتشكل الأنا ونمو الوعي بالذات والعالم والغير . هنا تبدأ الملامح الوجدانية والذهنية والمعرفية تتشكل وتظهر معها السمات الأولية للشخص .وتلعب الذاكرة دورا كبيرا في تشكل الوعي بالذات كأنا عاقلة .
من هذا المنطلق يمكن أعطاء معنى أولي لمفهوم الشخص : موضوع morale باعتباره كائن يتمتع بالحرية و حق الاحترام و الحفاظ على كرامته . نستخلص من هذا التصور أن مفهوم الشخص لا ينطلق من مبدأ الوجود أو مبدأ الحدث ولكن من مبدأ الحق كأن نقول مثلا يجب أن أتحمل مسؤوليتي ، يجب أن أضع حدودا لأفعالي حتى أضمن احترام الآخرين لي ....هنا يظهر مبدأ الواجب . يقول كانط الأشياء لها فقط ثمن والشخص له كرامة وهذه الكرامة تستوجب الاحترام والتقدير .من هذا المنطلق العبودية مسألة لا أخلاقية ونفس الشيء الدعارة لا أخلاقية وبيع الأعضاء البشرية ليس بأخلاقي ...
كتب كانط يقول في كتابه ميتافيزيقا التقاليد الإنسان بصورة عامة كائن عاقل يوجد كغاية في حد ذاته وليس كوسيلة ... وقد ذهب مونيه أبعد من ذلك متجاوزا النظرة الميتافيزيقية للشخص يرى بأن الشخص يعيش مع أشخاص آخرين في عالم واقعي .
لهذا قد نعتبر فكرة الكوجيطو الديكارتية بمثابة التعريف الأولي لمفهوم الشخص المتفرد القادر على التمييز بين الخطأ والصحيح بين الخير والشر بفضل ملكة العقل وقوة الإرادة .
وقبل أن ننتقل لمعالجة الموضوع لا بد من التمييز بين مفهوم الشخص والفرد ، الفرد غايته تحقيق ذاته مما يؤدي به إلى الفر دانية والانعزال أو الانطواء على الذات . بينما الشخص يتمحور حول الغير ولا يتعرف على ذاته إلا من خلال الغير وذلك بالتخلص من الميل الفر داني .
نحن الآن أمام إشكالات تتعلق بالمفهوم من ناحية وبالمنهاج من ناحية أخرى . إضافة إلى الإشكالات الفلسفية التي يطرحها المفهوم مثل الحرية الإرادة الاستقلالية الأخلاق ... إشكالات تتعلق بالشخص والهوية
أ—الشخص والهوية
المقصود بالهوية أن الشيء هو هو ؛ فالهوية الفردية للشخص تنحصر في نظرته لنفسه وتعريفه لذاته ، وهذه الهوية لم تولد معه بل تشكلت من خلال المجتمع . وهكذا تظهر مبكرا إشكالية الهوية عند الطفل خاصة إذا كان ينموا في وسط تغيب فيه المرجعيات ، نقول أحيانا إن مشكلة الهوية مشكلة اليافعين. فكل شخص يقدم نفسه ك"أنا" ويضفي على تجاربه الشخصية طابعا ذاتيا حيث يمركز الحديث حول أناه. يقول لوك " لكي نهتدي إلى ما يكون الهوية الشخصية لا بد لنا أن تتبين ما تحمله كلمة الشخص من معنى ، فيما أعتقد ، كائن مفكر عاقل قادر على التعقل والتأمل ، وعلى الرجوع إلى ذاته باعتبار أنها مطابقة لنفسها ،" إذن مالذي يحدد هوية الشخص ؟
جول لاشولي : أساس الهوية الوحدة النفسية والذاكرة
فرويد : وحدة الشخص تتميز بالدينامية وتتشكل الهوية من خلال
الصراع بين المناطق المكونة للشخصية
- ما هو الأساس الذي تقوم عليه وحدة الهوية ، هل التمركز حول الذات يفسر هذه الوحدة . أم هناك مقومات أخرى .
- ينتقد لا شولي التصور الذي يقول بأن هناك جوهر ثابت يمثل الأنا الحقيقية " تصور ماهوي"
دليله أن الوقائع تكذب ذلك مثال حالة النوم ..
- بالتالي إن حالاتنا الداخلية لا تفسر لنا تلك الوحدة أو الهوية
- ما يجعلنا نحس بهويتنا هو : دوام نفس المزاج أو الطباع
ترابط الذكريات
الخلاصة : ليست هويتنا كما كان يعتقد معطى أولي أو أنا سابقة في الوجود بقدر ما هي نتاج لآليات ربط نفسية تقوم بضمان وحدة الشخص .
بالنتيجة وحدة الطبع أو المزاج هي ضمان هوية الشخص وذلك لا يتحقق إلا من خلال الذاكرة التي تلعب دور الرابط بين الماضي والحاضر
وفي نظر لا شولي نحن لسنا سوى ظواهر يتذكر بعضها بعضا .
- كيف تتشكل هوية الشخص وما هي العوامل المؤثرة في تشكلها ؟
عكس التصور الميتافيزيقي للشخص يدخل فرويد مجال البحث العلمي ويطرح مفهوم البنية النفسية
الأنا الأعلى : مجموع القيم ..أو مبدأ الواقع يمارس قهره
الهو : مجموع الغرائز والدوافع ... أي مبدأ اللذة
الأنا : الضمير الوعي
- الأنا هو نتاج التجارب الذاتية يلعب دورا كبيرا للحفاظ على وحدة هوية الشخص لأنه يستحضر الماضي والحاضر والواقع .
- الأنا يتشبع بالمعايير والقيم التي يفرضها عليه الأنا الأعلى فيتبعها حتى يتفادى عقاب الأنا ألأعلى
- الخلاصة : فرويد توصل إلى نتائج تفيد بأن هوية الشخص تنبني وتنمو داخل دينامية البنية النفسية للشخصية .
نستخلص من النصين أن هناك تصورين مختلفين لمفهوم الهوية ووحدتها ، ولكل نص مرجعيته المعرفية . مع شولي
نحن أمام تصور ميتافيزيقي للشخص رغم رفضه للتصور الماهوي ، ولفكرة المعطى الجاهز ، يرى بأن الشخص محكوم بآلية نفسية مهمتها التوفيق بين الطباع والمزاج من خلال الذاكرة ، وبالتالي تكون هوية الشخص هي نتيجة لتذكر الظواهر وربط بعضها مع بعض . أهمية " النفس " في بناء الهوية من خلال الفعل العقلي " الذاكرة " وكأن الهوية هي مجرد تسلسل الأحداث من خلال الذكريات.
إن الوعي عند لا شولي يعني الذاكرة والتي ليست سوى صدى متواصل أو متقطع للماضي في الحاضر .
أما فرويد فقد تجاوز التصور الميتافيزيقي لمفهوم الشخص والهوية . وشرح واقعيا عملية النمو والتكون التي تتم عبر العلاقة المتوترة بين مكونات الشخصية " الأنا ، الأنا الأعلى ، الهو " يلعب فيها الأنا دورا كبيرا في الحفاظ على خصوصية هوية الشخص وتوازنها . فالوعي عند فرويد ليس الذاكرة التي تسترجع الأحداث بل إنه وعي من حيث هو شعور واع يلعب دور الوسيط بين اللاشعور والواقع ؛ إن الأنا مع فرويد له معنى سيكولوجي .
الشخص
الهوية
مطابقة الشيء لذاته
ما هي مقومات الهوية
لاشولي -------------- ---------------------- فرويد
وحدة النفس ، الطباع ، الذاكرة بنية نفسيــــــــــة
الوعي -------------الذاكرة تنمو وتتطور هوية الشخص من خلال مكونات الشخصية
الهو ------الأنا ---------الأنا الأعلى
الوعي ---------شعور واقعي بالذات
تصور ميتافيزيقي تصور علمي
ب- الشخص بوصفه قيمة
مالذي يؤسس البعد القيمي للشخص ؟ وكيف نفسر مسألة الاحترام والكرامة كواجب ؟ ثم ما علاقة هذا الوضع بمسؤولية والتزام الشخص كذات عاقلة حرة؟
كانط : الشخص غاية في ذاته والعقل أساس كرامة الشخص
وقيمته المطلقة
توم ريغان : ليست الكائنات البشرية أحياء فحسب ، إنهم
يمتلكون حياة
- إن الشخص باعتباره ذات لعقل أخلاقي عملي غاية في حد ذاته
هنا تكمن قيمته ؛ إنها قيمة داخلية مطلقة ، إذن لا يكفي القول بمبدأ العقل الخالص وملكة الحكم .
-إن القاعدة التي تؤسس قيمة الشخص تكمن في كونه ذاتا لعقل أخلاقي عملي
-هذه الوضعية تمكنه من مقارنة ذاته مع الآخرين وتبادل الاحترام معهم على أساس قاعدة المساواة
- الإنسانية التي تجثم في شخصه هي موضوع الاحترام ، لأن له كرامة
خلاصة القول : إن وعي الشخص بخاصيته السامية لتكوينه الأخلاقي هي التي ترفعه إلى درجة الاحترام والتقدير وهذا يدخل ضمن مجال الفضيلة .
بنية النص : بدأ كانط بنقد فكرة ديكارت التي تقول بمبدأ العقل الخالص .
اقتراح تصور جديد للعقل ، للذات ، للغير ، للشخص-للهوية
العقل العملي الأخلاقي
الذات عاقلة حاملة لقيمتها الوجودية والأخلاقية
الشخص = ذات لعقل أخلاقي
منهجية النص : حجاجي عقلي نقدي تأملي
يرى بأن خاصية العقل غير كافية لتحديد قيمة الشخص
-مالذي يجعلنا نقول بقيمة الشخص
- يعتقد صاحب النص بأن الكائنات البشرية تمتلك نوعا محدد من القيمة الأصلية ، بمعنى أن كل كائن بشري يمتلك قيمة مستقلة منطقيا .
- إن القيمة التي تعزى إلى البشر ليس بصفتهم أدوات بل لأنهم غايات في ذاتهم ، أي أنهم متميزين عن نفعهم ومهاراتهم
للإنسان قيمة في حد ذاته تفترض أن يعامل كغاية وليس كوسيلة على حد قول كانط
-إذا قبلنا مبدأ القيمة الأصلية للبشر هنا ندرج مسألة الحقوق لأنها تستند إلى هذه القيمة
- ما يسوغ الحقوق ليس المنفعة بل قيمة الأفراد مثال الحق في عدم الأذى ، التعذيب مناف للإنسانية ...
- مالذي ينطوي عليه البشر ويشكل له قيمة ؟
- إن الكائنات البشرية ليسوا أحياء فحسب بل يمتلكون حياة. كما نمثل موضوعات للحياة
- إن البشر يمتلك قيمة أصلية لأنهم بذواتهم موضوعات للحياة هي في جميع الأحوال لأجل ذلك الآخر وتتجلى في : الحب ، الصداقة ، الشعور بالرفقة ..أو الكراهية ، العداوة ، العزلة ، الاغتراب
- إن إيذاء الكائنات البشرية لأجل منفعة أو متعة هو انتهاك لحقهم في عدم الأذى
نستخلص مما سابق أن الشخص محكوم بآلية نفسية ، ,انه ليس معطى جاهز ولا بشيء ، إنه غاية في حد ذاته على حد تعبير كانط . وهذه الغاية جعلت منه كائنا أخلاقيا يتمتع بالحرية والإرادة والكرامة التي تستوجب الاحترام . يقول كانط
" عندما نعتبره كشخص ، أي كذات لعقل أخلاقي عملي ، سنجده يتجاوز كل سعر " إنه فرد تجثم في داخله الإنسانية التي تستوجب التقدير والاحترام على قاعدة المساواة . لكن خاصية العقل لوحدها غير كافية لتبرير القيمة التي نعزوها إلى الإنسان ، أي أننا ملزمون باحترام القيمة المطلقة لكائنات بشرية غير عاقلة مثل الأطفال وكذا الذين يعانون من عاهات عقلية وجسمية ." البشر يمتلكون قيمة ليس لمجرد كونهم ملائمين لشيء ما . إن قيمتهم متميزة عن نفعهم ومهارتهم " طوم ريغان. إذا اقتنعنا بأن البشر يمتلك قيمة متأصلة كيف يمكن إقحام مسألة الحقوق ؟ تستند الحقوق على مبدأ القيمة المتأصلة للبشر ، وهكذا لايتم تسويغ الحقوق بالمنفعة العائدة على الشخص بقدرما تكون قيمة الفرد هي المسوغ لبناء الحق . فكل فرد يمتلك الحق في عدم الأذى . أو سلب الحياة لهذه الاعتبارات نجد المواثيق الدولية لحقوق الإنسان تأخذ بعين الاعتبار القيمة المتأصلة للإنسان وتعتبر الإبادة والحروب جرائم في حق الإنسانية .
إن جوهر القضية يدور حول مبدأ المسؤولية والواجب ؛ الحق والواجب ؛ فالحق يشير إلى مايحق للمرء التمتع به بوصفه شخصا ، ويشير المفهوم الثاني إلى ما هو مطالب به بوصفه شخصا أيضا. وهذا يحيلنا على مفهوم الحرية والعدالة .
ج- الشخص بين الضرورةوالحرية
وجود الشخص ليس حالة جامدة سهل ضبطها أو اختزالها في مجرد انفعالات سلوكية أو علاقات اجتماعية أو بنية ثقافية إنه كل يتميز بالقدرة على التلفظ وخلق عوالم رمزية خاصة به نظرا لقدرته على الانفلات من قيود الاكراهات الموضوعية . ومع ذلك فالشخص يخضع لمجموعة من المؤثرات الذاتية والموضوعية ؛ تتحدد الأولى في البعد السيكولوجي ؛وتتجلى الثانية في البعد السوسيواقتصادى …. لهذا ينظر إلى الشخص وكأنه بنية يتم التحكم فيها من خلال جملة من القواعد والقيم والقوانين التي تمارس عليه فعلها وتلزمه بالامتثال ؛ ولقد أشرنا في درس اللغة كيف يدخل الفرد ضمن نظام من العلاقات بمجرد ما يبدأ ممارسة فعل اللسان ؛ ونفس الشيء في المجال الاقتصادي يجد نفسه رهين القوانين الاقتصادية الخارجة عن إرادته الفردية .
ومع ذلك لازال الإنسان مقتنع بأن له هامش من الحرية يمكنه التصرف فيه ، فإذا نظرنا إلى الشخص باعتباره وعيا لذات عاقلة كما تصور ذلك ديكارت وكانط ؛ فإن هذا الوعي هو في حد ذاته خطوة جبارة نحو التحرر من خلال إدراك الحتميات للحد من تأثيرها المتواصل . إن وجود الإنسان كغاية يحيا في وضعية محددة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ... فإن ردود أفعاله واختياراته لا تتم وفق الشروط الموضوعية لوحدها بل يكون لاختياراته الفردية والذاتية دورا في ذلك مما يفسح المجال للحرية من هنا نفهم نظرة سارتر إلى الإنسان كمشروع محكوم عليه أن يكون حرا.
سبينوزا: الشخص بين وهم الحرية وإكراهات الضرورة
سارتر: ماهية الإنسان الحرية = الحرية حقيقة
يرفض سبينوزا التصور العامي والميتافيزيقي الذي يقول بأن الإنسان حر في أفعاله
رغم الوعي بالأفعال والرغبات فهناك عوائق تعترض هذا الوعي
الفعل الإنساني رهين الضرورة في شقيها الواقعي والبيولوجي
اتبع سبينوزا طريق المقارنة لكي ظهر بشكل واضح الوهم الذي تتخبط فيه البشرية نتيجة جهلها بالأسباب والعلل
مثال الحركة فعل نتج عن سبب خارجي أي الحركة لا تتأتى من تلقاء ذاتها حتى لو افترضنا أن هناك وجود وعي بالحركة
ما يجعل الناس يتوهمون هو هذا الوعي بالفعل
مثال السكير ، الطفل ...
ا‘تقاد بالحرية المطلقة شعور متأصل لدى الناس ولكن هم في الواقع عبيدا للضرورة البيولوجية والواقعية
بنية النص المقارنة والوصف
منهج : عقلي تأملي
المفاهيم : الوعي ، الحرية ، الشهوة ، جهل ، الأسباب ، الإكراه
الوجود رهين الضرورة والحتمية أي أن الحرية وهم
ما يعب على سبينوزا هو إفراغه لمبدأ الحيرة من معناه الإنساني حين ربطه بمسألة جهل الأسباب ، وكأن الوعي ليس إلا إدراكا سلبيا للذات والأفعال
عكس سبينوزا يرى سارتر أن الحرية هي ماهية الإنسان .
لسبب واحد هو أن الإنسان في نظر سارتر مشروع يعش لذاته وبذاته سابق في الوجود
أما الوعي فيأتي بعد الوجود إنه قرار لاحق مثال الانتساب إلى حزب أريد الزواج ..
من هنا يعتبر سارتر الإنسان مسؤولا عما هو كائن
لهذا الوجودية سعت دائما إلى تحميل الإنسان مسؤوليته الكاملة وهذه المسؤولية تتجاوز الفردي إلى الجماعي
حددت الوجودية مبدأ الحرية كعنصر لا حق للوجود لأن الفعل يأتي بعد الوجود من هذا المنطلق يحمل سارتر الإنسان مسؤولية أفعاله .
بنية النص : تقريري وصفي
المنهج : عقلي تأملي
المفاهيم : الوجودية ، مشروع ، الوعي ، المسؤولية ، الحرية الإرادة
ماهية الإنسان الحرية وبالتالي هي ليست وهما إلا أنها مشروطة بالمسؤولية
رغم تأكيد سارتر على الحرية فإنه يلغي الضرورة كواقع خاصة فيما يتعلق بالإكراهات الواقعية.
إن الإنسان كائن بيوثقافي ، وسيسوثقافي ، وسوسيوإقتصادي ... إنه باختصار كائن منتج للعلامات والرموز والخيرات ؛ ولهذا لا يمكنه بأي شكل من الأشكال أن ينفلت من الإكراهات الذاتية والخارجية ، وتجاهل هذه الشروط يجعلنا نعتقد بأن الإنسان حر في مملكته وأنه اختار بمحض إرادته ملامحه الوجدانية والذهنية والمعرفية... يقول غي روشيه إن " معظم رغبات الإنسان وحاجاته وآماله لا تتكون تلقائيا أو تبعا لنوع من الضرورة البيولوجية ، بل إنها تتحدد بحسب التشجيع الذي تلقاه والمكافآت التي تقدم لها ومن تم تنقش في الشخصية "
إن اعتقاد سبنوزا بأن الحرية وهم هو استحضاره لمبدأ الضرورة والجهل بالأسباب ، يفرغ الإنسان منن قيمته الإبداعية والخلاقة ، أي يلغي البعد الإرادي والواعي للفعل الإنساني . وهذا ماحاول سارتر إبرازه بالتركيز على أهمية الوجود الإنساني كمشروع الذي يتمتع بالحرية المشروطة بالمسؤولية.
فالإنسان أبعد عن الخطاطة التبسيطية التي تجعل من الشخص مجرد ظاهرة خاضعة للحتمية أو تتميز بالحرية المطلقة . ذلك لأن الشخص كائن عاقل واعي مبدع تتحدد هويته في التفاعل الدائم لمكونات الشخصية يلعب المحيط الخارجي بكل تنوعاته دورا في تشكلها وتكونها . أي أن الإنسان يتأرجح وجوده بين الضرورة والحرية والوعي بهذا الواقع يمكـــــــــن
الشخصية من الحد من إكراهات الذات والواقع ؛ للحافظ قدر المستطاع على إنسانيتها وتضمن هامشا من الحرية لممارسة الفعل الحر المبدع خارج اكراهات القوانين والقواعد مثال الفنان ؛ لهذا ليس للإنسان من خيار سوى الكفاح من اجل الحفاظ على حريته وكرامته بتحقيق مبدأ الديمقراطية والمساواة والإنصاف ؛ أي بناء مشروع المجتمع المدني مجتمع الحقوق والواجبات .
2- الغيــــــــــــــــــــــــر
ليس الإنسان من حيث هو شخص مجرد فرد معزولا ، إنه أنا تعيش إلى جانب الآخرين ، وهو في حاجة إليهم والعكس صحيح وتمثل الجماعة المكان الملائم له ؛ لكن هذا التعايش يطرح عدة إشكالات ذاتية وموضوعية . إشكالات تتعلق بالغير المخالف أو المشابه لأناه. لأن هذا الغير هو أنا أخرى قائمة بذاتها تمثل شخصا متفردا ومتميزا . وهو في حاجة إلى الاعتراف المتبادل لأن له وللغير نفس الكيان والحقوق والواجبات ؛ إنه إقرار بوجود أنا أخرى مشابهة مادام يشابهها في كثير من الصفات العامة ( الفيزيولوجية ، النفسية ، السلوكية ،...) لكنه مخالف حين يتعلق الأمر بالمؤهلات والاختيارات والرغبات والمواقف ...
ما يمكن معرفته بصورة مباشرة هو الأنا المباشرة ، أم الآخر الغير فيصعب علي تحديده أو إدراكه بصورة مباشرة لأن هذا الغير يملك من الإمكانات على التلفظ والترميز والتخفي تجعل معرفته صعبة للغاية .
فكيف يمكن معرفة الغير دون أن افقده خصوصيته ؟ هل معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل معه ؟ ألا يؤدي التواصل إلى فقدان أحد الأطراف حريته بل وتلقائيته ؟ هل يعتبر الاختلاف الثقافي والحضاري من بين الحواجز التي تحول دون معرفة الغير ؟ ألا يعتبر التواصل والحوار وسيلة لإزالة الحواجز بين الأنا والغير للقضاء على العنف والعنصرية؟
وجود الغير
أسست الفلسفة اليونانية مفهوم الغير على مبدأ الهوية (أرسطو) ، بحيث أن كل شئ مطابق لذاته ويكون بالقياس إلى غيره مختلف عنه ، وينتهي هذا إلى التناقض عند تقابل ألهو هو بالآخر كتقابل الوجود بالعدم أو تقابل المعاني مثل مادي لامادي حقيقي لاحقيقي ..... إن لكل شئ ضده .هذا التصور لم يتجاوز الوعي الميتافيزيقي بالذات وبالغير كوجود ، ( النظرة الانطلوجية للذات وللغير ) لهذا لم يشكل الغير في الفلسفة اليونانية مشكلا ابستيمولوجيا إلا مع الفلسفة الحديثة .
مع الفلسفة الحديثة اتخذ مفهوم الغير معنى آخر أكثر اتساعا مما كان عليه في القديم ، مع ديكارت استبعد الغير كوجود وركز على الوعي الذاتي داخل الخطاطة الثنائية وعي \جسد . أما هيغل فالوعي بالذات يتم من خلال العلاقة المابين الشخصين .
لقد أكد ديكارت من خلال تجربة الكوجيطو أن الأنا وحده موجود ، وهذه هي الخلاصة الأولية اليقينية التي توصل إليها خلال عزلته الوجودية التي استبعد فيها كل شئ حتى الغير ، لأن هذا الأخير يوضع في مصاف الأشياء الخارجة عن ذاتي ، لهذا اشترط ديكارت البداهة والوضوح العقلي كشكلين ضروريين للوصول إلى الحقيقة ، ومادام كل شئ يحيط به الشك فقط شئ واحد لا يتسرب إليه الشك هو أنا أفكر . وأي معرفة على الخارج تتم من خلال التفكير نستدل عليها بالعقل.
وهكذا بالنسبة للغير الذي وجوده في نظر ديكارت وجود افتراضي فقط ، يقول ديكارت إننا على عجز تام لتأكيد وجود الغير ، فقط بواسطة التفكير والفهم واللغة نستدل على وجود الغير ويتم هذا بالمماثلة . إذن الشيء الوحيد الذي هو متأكد من وجوده هو الأنا الفردي أو الوحدي Solipsisme .
في مقابل هذا التصور المفرط في الذاتية ؛ نجد هيغل يؤسس فلسفة للوعي يحتل فيها الغير موقعا مركزيا ، فالوعي ليس وعيا ميتافيزيقيا انه وعي ينمو ويتطور عبر الصراع من اجل الاعتراف .أي أن الوعي في تكونه يواجه وعيا آخر وخلال هذه المواجهة تنشأ العلاقة الإنسانية التي تتميز بالصراع مثال علاقة السيد بالعبد . تتميز العلاقة بين الوعيين بنوع من المجازفة لان كلاهما يسعى إلى سحب الاعتراف بالأنا غايته في ذلك الحفاظ على الحياة . إذن الغير في نظر هيغل شرط ضروري للوعي بالذات ، يقول هيغل يتعلم وعي الذات في هذه التجربة أن الحياة هي بالنسبة إليه جوهر مثل وعي الذات .
إن العزلة الوجودية أفضت بديكارت إلى إقصاء وجود الغير كذات ؛ في حين الصراع القائم بين الذوات هو دليل على وجود الغير . أي أن الوعي بالذات يقتضي الوعي بوجود الغير.
سارتر : وجود الغير كأنا منفصل عن أناي ضروري للوعي بالذات
دولوز:الغير عالم ممكن علي اكتشافه ومعرفته
النص يحاول أبراز شيئين أساسين : - وجود الغير بصورة مستقلة وهو ليس بشيء - العلاقة بين الأنا والغير علاقة موضوع
إن الغير بالنسبة لي ليس سوى موضوع لإهتمامتي والعكس صحيح
الغير هو مجرد نظام مترابط من التجارب المستقلة عني
الغير هو الآخر أي أنا الذي ليس أنا
يقر سارتر بوجود الغير كموضوع لإدراكي
إن التجربة الوجودية التي يعيشها الأنا والغير تجعل منهم موضوعا لبعضهم البعض .
على مستوى الذات هناك انفصال تام للذوات وتبقى العلاقة شعورية فقط
خلاصة القول يرى سارتر أن وجود الغير ضرورة لأن بواسطته أدرك ذاتي
بنية النص حجاجي عقلي
المنهج : عقلي تأملي
المفاهيم الغير الوجود العدم تقابل الوجود
بدأ دولوز بالتساؤل حول ما يمثله الآخر بالنسبة لأنا أخرى
لن يكون الغير إلا كما يتبدى للأنا
لكن تعدد الذوات يطرح إشكالات تتعلق بالتمثلات المتبادلة
أي أن العلاقة بين الذوات هي علاقة تمثل ليس إلا
في نظر النص الغير عالم ممكن بالنسبة لأنا ما ونفس الأنا هي عالم ممكن لنفس الغير على الطرفين اكتشاف بعضهما البعض
الغير هو عالم ممكن
بمجرد ما يبدأ الفرد بالكلام حتى يفصح عن عالم ممكن
ضمير المتكلم هى علامة لسانية تشير إلى وجود ممكن
الغير هو ذلك العالم الممكن كما يتبدى في مخيلة من يعبر عنه
من هنا يكتسي الغير ثلاثة أبعاد : عالم ممكن
وجه قائم الوجود
كلام أو لغة واقعية
بنية النص تقريرية استنتاجيه
المنهج تفكيكي منطقي
المفاهيم : الغير، الذات، الموضوع، الوضع ،النظام، البنية عالم ممكن
يرى دولوز أن ما نطلق عليه الأنا هو نسيج متناقض من آلاف الأنوات فالأنا تأليف بين أنوات متعددة
علاقتهما تقوم على السرقة والاقتناص
يعتبر سارتر الوجود الإنساني سابق على الماهية وأن الحرية شرط هذا الوجود ، فالأنا في التصور الوجودي هو أنا في مواجهة نظرة الغير كوجود لا تحكمها علاقة نفي كما هو الشأن مع ديكارت ولا علاقة عبودية كما تصور ذلك هيغل بل تتميز بالاعتراف المتبادل يغيب فيها عنصر الإلغاء لأن شرط وجود الأنا والغير الحرية لهذا اعتبر سارتر الوجود الإنساني مشروع . و تظهر ضرورة الآخر بالنسبة لأنا للوعي بوجود الغير .
مع دولوز يطرح السؤال من جديد وبصورة تهدم كل التصورات السابقة ؛ ماذا يمثل الغير بالنسبة للأنا ، ما يطلق عليه الأنا في نظره هو نسيج متناقض من آلاف الأنوات أي أن علاقة الأنا بالغير ليست علاقة نفي أو ضرورة بقدر ما هي علاقة تجاذب يميزها التناقض والتداخل ؛ وهكذا يصبح عالم الغير عالم الممكن وعالم الأنا عالم الممكن المتغير . فدولوز يعتقد بأن التشابه والتطابق يقتل جوهر الهوية لأن جوهر الهوية الاختلاف والانقلاب والمشاكسة ، وهكذا لا يرتسم الأنا ؛ والغير كجوهر ثابت و لا كحقيقة منسجمة .
ب – معرفة الغير
هل من الممكن تحويل الغير إلى موضوع للمعرفة ؟
إن أي محاولة لإخضاع الغير لنشاط التفكير تعني تجريده من الذات والوعي والحرية أي تجميده ؛ وهنا تبدأ الإشكالية ، لأنه يفقد خصوصيته ومقوماته كوعي وكحركة وكإرادة وبالتالي يستحيل معها التواصل لأن الأنا قام بتشيئ الغير وجمد فاعليته .
يقوم سارتر بالفصل بين الأنا والغير ويحدده في الصراع القائم أولا على بين الجسم والذات ؛ وثانيا بين أنا وأنا أخرى ، فسارتر يدرك الأنا الأخرى إدراكا امبريقيا انه إدراك للجسم ، أي أن إدراك الغير تتم عبر الجسم ؛ وبهذا الشكل تنفصل الذوات عن بعضها البعض ولا تؤثر في كينونتها على بعضها البعض ؛ أي أن وجود واحدة لا يتوقف على وجود الأخرى يقول سارتر فانه لما كان لا يمكن للغير أن يؤثر في كينونتي بكينونته ، فان الكيفية الوحيدة التي يمكن أن ينكشف لي بها هي أن يتجلى لمعرفتي كموضوع .أي أن الأنا هو الذي يكون صورة ذهنية للغير ضمن حقل التجربة . وضمن هذا الحقل تنشأ العلاقة بين الأنا والغير وبمجرد ما يدخل حقل نظرتي حتى أجمده وأحوله إلى شئ ، ونفس الشيء نظرة الآخر تقيدني وتحد من حريتي وتشل تلقائيتي ، وتصبح معرفة الغيرمجرد انطباع لا أقل ولا أكثر . إن سارتر اهتم بمعرفة الغير من موقع العقل القائم على مبدأ الحكم والاستدلال لهذا يقول إني أرى و أقيم حسب ما أعتقد بأن الآخرين يرونني ويحكمون علي وهنا اشعر بخيبة الأمل ؛ويزداد الجحيم كلما كانت علاقتي بالآخرين فاسدة وملتوية الجحيم هم الآخرون
هذا التصور سيتم تجاوزه مع النظرة الفينومونولوجية للغير ؛ يرى ميرلوبنتى بأن نظرة الغير لا تحولني إلى موضوع ، كما لا تحوله نظرتي إلى موضوع . لأن الغير عكس ما تصوره سارتر انه ذاتا تنفعل لها سلوك Comportement فالغير حالة خاصة لها حياتها يمكن من خلال الصداقة أن أشاركه مثلا الحزن . فالصورة التي أعطاها سارتر للغير باعتباره جحيما تزول بمجرد ما ينطق هذا الغير بكلمة ؛ أي بمجرد ما تدخل الذات في تواصل مع الغير تتحطم فكرة التعالي عن الأنا الآخر .
لكن هذا الغير ليس مجرد سلوك أو تصرفات يكفي أن نتواصل معه لمعرفته ؛ لأن هناك باطنا نفسيا خاصا بها لايمكن النفاذ إليه ، مثلا لا أستطيع أن أشارك الغير أحزانه مهما بذلت من مجهود كل ما أقوم به هو التعبير عن شعوري بالثأتر ؛ فالحياة النفسية للغير حياة خاصة تبدو مستحيلة عن الأنا ، وهذا ما ستعمل على إنجازه مدرسة التحليل النفسي مع فرويد ، فالغير أحيانا يكون وسيطا ضروريا لبلوغ أعماق اللاشعور مثال المحلل النفسي .
نلاحظ بأن هناك اختلاف حول السبل التي تؤدي إلى معرفة الغير ؛ لهذا يقترح دولوز تصورا مغايرا إذ يرى في الغير بنية ونظام من التفاعلات بين الذوات . فعندما تدرك الذات شيئا ما تدركه من خلال الغير ، لأن هذا الغير بمجرد ما يتكلم يضفي على الممكنات شيئا من الواقعية . إن الغير هو الوجود الممكن المغلف . واللغة هي واقع الممكن من حيث هو ممكن ، والأنا هو بسط وتفتيح للممكنات ... فان الغير بوصفه بنية هو تعبير عن عالم ممكن ، انه هو الشيء المعبر عنه مدركا بوصفه لم يوجد بعد خارج ما يعبر عنه .
خلاصة القول تعترضنا صعوبات عدة عند محاولة إخضاع الغير للمعرفة ، تتعلق من ناحية بطبيعة الموضوع الذي يتميز بالحركية والفعل والقدرة على الترميز ، ومن ناحية أخرى بأي المناهج يمكننا إجراء مقاربة موضوعية ، وهل الموضوع يقبل الموضوعية ؟
مالبرانش: معرفة الغير تقريبية تخمينية غير ممكنة
ميروبنتي:معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل
معرفة الغير مجرد تخمين ، لأن أقصى ما يمكن معرفته هو مجرد افتراض
إن الحكم الذي ينطلق من العواطف غالبا ما يخطأ
معرفة الغير هي حكم عقلي بالدرجة الأولى
الحواس لا تمكنني من إدراك الغير كل ما يمكن ا، أكونه على الغير هو مجرد افتراض تخمين
مالبرانش على شاكلة ديكارت يقول بأن الذات مكتفية بذاتها
جرد مالبرانش الأنا الغير من واقعيتهما
نظرته للأنا والغير نظرة ميتافيزيقية
خلاصة : معرفة الغير غير ممكنة فقط نفترض نخمن
بنية النص : تفسيري مقارنة
المنهج : عقلي تأملي
المفاهيم : النفس ، الحكم افتراض ، اعتقاد ، تخمين ، العواطف
معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل
التواصل يكسر الحواجز القائمة بين الأنا والغير
ينتقد الفكرة التي تحول الأنا والغير إلى موضوع (نموذج سارتر
التواصل عنصر أساسي لمعرفة الغير
بمجرد ما يبدأ الحوار يزول عنصر التعالي أي أن لغز الأنا والغير يتكسر
ينتقد النص فكرة الذات المتعالية ( نموذج ديكارت )
الخلوة التأملية لا تعني أن الأنا يستقل بصورة مطلقة عن الآخرين
الذات المتعالية توجد بين الذوات
خلاصة القول معرفة الغير ممكنة من خلال التواصل والحوار
بنية النص : نقدي حجاجي تقريري
المنهج : تحليلي نقدي
المفاهيم : التعالي ، التواصل الحوار الحواجز
لقد جعل ديكارت من الأنا الوحدي مركز الوجود ، وأثناء خلوته التأملية أدرك بأن الأنا توجد كذات مفكرة ،والعلاقة بين الأنا والغير تتميز بالنفي ، ما عدا الأنا كل شيء مجرد افتراض عقلي فقط . ونفس الشيء سار عليه مالبرانش أثناء إجابته على سؤال جوهري يتعلق بمعرفة الغير .
إن معرفة الغير في نظر مالبرانش لا تكون بصورة يقينية بقدر ما هي مجرد تخمين ، لأن الحواس غير قادرة على إدراك هذا الغير ، وكل ما يمكن أن نكونه على الغير مجرد افتراض أو تخمين ليس إلا . إن مالبرانش بتصوره هذا يجرد الأنا والغير من واقعيتهما ويلغي إمكانية التواصل لكسر الحواجز وهكذا تكون معرفة الغير غير ممكنة.نتيجة النظرة المتعالية والميتافيزيقية للأنا والغير ؛ وتحولهما هذه النظرة إلى عالم مغلق .
هذا التصور المبالغ في الذاتية سيتم تجاوزه مع التصور الظاهراتي ( الفينومونولوجية) (ميرلوبونتي ) ، فالنزعة الذاتية التي تدعي أن معرفة الغير مجرد تخمين تسقط بمجرد ما ينشأ حوار بين الأنا والغير ؛ فالتواصل يكسر الحواجز ويحد من سلوك التعالي . وتصبح معرفة الغير ممكنة . بهذا الشكل تم تجاوز النظرة التشييئية للغير مع سارتر ، وكدا التصور الذاتي مع ديكارت ومالبرانش .
وبما أن معرفة الغير أصبحت ممكنة عبر التواصل والحوار فما طبيعة العلاقة التي تنشأ بينهما ؟
ج- العلاقة بالغير
تتعدد أوجه العلاقة بالغير وتتخذ أبعادا مختلفة بين الابن والأب ، والأم ، والأخ ، عشيقين ، بين خصم ومنافسه ، بين المعلم والتلميذ بين الضحية والجلاد ...هذه العلاقة لا تتوقف عن التغير وتأخذ أشكالا متنوعة إن لم تكن متناقضة ، إنها التعبير الواضح عن طبيعة الوضع البشري . الذي اتخذ صيغا مختلفة مثال الجحيم هم الآخرون سارتر ؛ إن أكبر عقاب لي هو أن أكون وحدي في الجنة مالبرانش... هيغل الصراع ، ديكارت نفي الآخر ، دولوز تجاذب الذوات .
يقيم الناس فيما بينهم أشكالا من العلاقات المختلفة ويستعملون الكثير من أدوات التواصل ويتصرفون حسب الوضع الذي يكونون عليه . ويكشف لنا هذا الوضع عن تعقد العلاقة التي تمتد إلى الأنانية المفرطة أو الإيثار المفرط . وتنجلي هذه العلاقة في شكل تمظهرات مختلفة : الحب الكراهية الصداقة العداوة التعصب التسامح .. وهذا يحيلنا على صورتين للعلاقة مع الغير فهو إما صديق أو غريب .
أرسطو : الصداقة أساس العلاقة مع الغير
كوجيف : ما يطبع العلاقة مع الغير الصراع
إن الأساس الذي تقوم عليه علاقة الإنسان بالآخرين هي علاقة الصداقة
الصداقة في نظر أرسطو ضرب من الفضيلة وهي ضرورية للحياة
حاجة الناس إلى بعضهم البعض وكأن كل جانب يبحث عما يكمله
الحب إحساس فطري لأن الحب أساس العدل
يرى أرسطو أنه متى ما استتب الحب تقلصت الحاجة إلى العدالة
تبقى الصداقة أهم من العدالة لأن العدل يستمد من العطف والمحبة
إضافة إلى ضرورة الصداقة فإنها جميلة ونبيلة لأنها تضفي بعدا جماليا على الوجود مثال الحب وبعدا نبيلا لأنها تعطي للحب قيمة إنسانية
شبه أرسطو الرجل المحب بالرجل الفاضل
بنية النص : حجاجي عقلي
المنهج : تأملي عقلي
المفاهيم : الفضيلة الصداقة الحب الجمال العدل الشرف
إن الصداقة المبنية على الفضيلة هي الصداقة الأمتن والأقوى بينما ما عداها لا قيمة له لأنه يزول بزوال الدوافع .
الأساس الذي تقوم عليه العلاقة هو الهيمنة فالإنسان إما عبد أو سيد
تتميز العلاقة مع الغير بالصراع من أجل سحب اعتراف وفرض الهيمنة
يضع كوجيف شرطا للوجود البشري وهو التنوع والتمايز
هذا التمايز رهين بقاء الطرفين على قيد الحياة من خلال العلاقة الغير المتكافئة بينهما وكلاهما حريص على البقاء
والحال هذه فالأنا إما عبد أو سيد
التاريخ البشري هو تاريخ تفاعل السيادة والعبودية
الصراع أساس العلاقة بين الأنا والغير
تاريخ الإنسانية هو تاريخ صراع بين السيادة والعبودية ، بين مهيمن ومهيمن عليه ( صراع الطبقات)
بنية النص : اتبع أسلوب المقارنة ، تقريري ، استدلالي
منهج : عقلي
المفاهيم : الوجود البشري ، السيد ، العبد ، الصراع ، التباين
يؤكد كوجيف على أن العلاقة بين الذوات تطبعها حالة من الصراع ينتهي فيها الوجود البشري إلى هيمنة أحد الطرفين على الآخر ( العبد والسيد )
أرسطو الصداقة في نظره قيمة أخلاقية ومدنية وتجربة تعاش لايأسسها الحب بالمعنى الأفلاطوني ، لهذا يحدد ارسطو دوافع الصداقة في ما يلي ؛ فهي إما تطلب من أجل منفعة ، أو من أجل متعة ، أو من أجل الفضيلة . فالدافع الأول والثاني متغيرين لا يمثلان الأساس الحقيقي للصداقة الحقيقية ، وتبقى الصداقة الحقيقية هي صداقة الفضيلة التي تقوم على المحبة والخير والجمال كقيمة قي حد ذاتها وهذا النوع من الصداقة ناذر جدا يقول أرسطو تبدو الصداقة أيضا بوصفها تلك الرابطة التي تجمع بين الناس في المدينة ، وتشكل محط عناية المشرعين أكثر من عنايتهم بالعدالة نفسها .
إذا كان أرسطو يرى في الصداقة عنصرا مؤسسا للعلاقة مع الغير فإن كوجيف الذي يعتبر أحد مجديدي الفلسفة الهيجلية يفسر بأن العلاقة بين الذوات يطبعها الصراع المتبادل الذي لا تكون فيه العملية متكافئة لأنها تنتهي إلى هيمنة أحد الأطراف . شرط بقاء الطرفين على قيد الحياة ، لأن ما يطبع الوجود البشري هو الصراع من أجل سحب الاعتراف . وهكذا فالشخص إما عبد أو سيد .وبالتالي تاريخ الإنسانية هو تاريخ صراع .
لكن العلاقة مع الغير تبرز لنا وضعا مخالفا تماما لما تصوره أرسطو أو كوجيف ، وضعا تكون فيه العلاقة مغايرة لما تصوره أرسطو أو كوجيف . وذلك في حالة الغريب . الذي لا تربطني به أدنى علاقة .
يدل مفهوم الغريب على كل من ليس أنا ؛ بمعنى أنا أخرى مخالفا لي ثقافيا وعرقيا ودينيا …أي كل ما هو مخالف لهويتي ويصبح مبدأ المواطنة في بعده الحقوقي أساسا لتحديد من هو الغريب ؛ لكن كريستيفا تعتبر هذا التحديد سطحيا لأنه يشير إلى ما هو مرتبط بالهوية إلي حالة منغلقة على ذاتها تقصي كل من ليس منها ؛ بينما واقع الأمر أننا نحمل في ذواتنا حالة من الغربة غالبا ما نغض الطرف عنها .
ومن هذا المنطلق ينشأ شعور فردي أو جمعي يدفع الأنا إلى إقصاء الغير بل والعمل على القضاء عليه ويغذي هذا الشعور وسائل الإعلام بتذويب التناقضات لصالح الأنا الفردية أو الجماعية ؛ وهكذا تكون أسطورة التفوق العرقي أو الثقافي أو القومي حالات مدمرة تلغي الآخر وتجعل مثل هذه الشعوب تكرر مأساتها وتعيش وهم التاريخ وهم التفوق وهم الشعب المختار .يقول كيوم لم تعد ثمة مواجهة رمزية تنظمها الديانة أو الطقوس أو المحرمات ، إننا أصبحنا نعيش وهم الآخر.
ينبغي أن ندرك أن الغير ضروري للأنا لأنه ينعش الفكر يقومه ، وهذا يتطلب وعي بالذات والمطالبة بقاعدة من قواعداللعب كحد أدنى لكي يتاح لكل واحد ، في النهاية التحليل ، أن يفكر في ما يريد .
إن الموقف الذي يجب اتخاذه من الغير ليس هو موقف الإقصاء لأن هذا الغير هو إنسان قبل كل شيء وهو عنصر ثقافي لهذا لابد من فسح المجال للحوار والتسامح والاحترام والحق في الاختلاف حتى نضمن حدا أدنى من التعايش ضمن الحفاظ على استقلالية الأنا والغير .
3 التاريــــــــــخ
يندرج التاريخ ضمن مجال العلوم الإنسانية ، ويختص بدراسة الحادثة التاريخية و ما تحمله من دلالات إنسانية ، فالحرب العالمية الثانية حادث تاريخي أثر في مصير الناس والشعوب ونفس الشيء تدخل الكوارث الطبيعية في عداد الحوادث التاريخية لأنها بدورها تؤثر على حياة الناس .
إن نظرتنا للإنسان في واقعه الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ... تعكس لنا التمظهرات التي يظهر بها كذات فاعلة منتجة لوجود تاريخي واجتماعي محدد في الزمان والمكان . إنه كائن تاريخي بامتياز ينخرط في مجريات الأحداث ويجعل من التاريخ موضوعا للمعرفة من خلال توثيق وإعادة بناء الوقائع الماضية من أجل فهمها وفك رموزها الخفية ،
ما يحدث في التاريخ يحدث نتيجة التفاعلات الإنسانية والتجاذبات الحضارية من هنا كانت كل حادثة تاريخية تحمل هويتها الثقافية والاجتماعية لأن الإنسان يرتبط بالجماعة ( الغير) وبالتالي تاريخه هو جزء من تواريخ متعددة ينبغي الكشف عن تقاطعها لفهم آليات وقوعها في حينها . خاصة وأن الحادثة التاريخية فريدة لا يمكن أن تكرر مثال الثورة الفرنسية وقعت مرة واحدة ولن تكرر لأن عواملها ودوافعها ورهاناتها خاصة بها . يقول ماكس فيبر ( إن الحادثة التاريخية هي ما يحدث مرة واحدة باعتبار المعنى الذي جال في نفوس الأفراد حين اختاروا سلوكهم ذلك الذي سلكوه في سياق تلك الحوادث ).
من هنا تأتي أهمية معرفة التاريخ ، لأنها تفيدنا في الكشف عن منطق التاريخ وسيرورته ، وتبيان هل الإنسان صانع لتاريخه أم خاضع له ولمعرفة رهانات الفاعل التاريخي في التاريخ .
أ – المعرفة التاريخية
تطرح مسألة المعرفة التاريخية إشكالية منهجية نظرا لطبيعة الموضوع الذي هو الماضي المنتهي الذي يحمل من الكثافة الدلالية ما لا يمكن تصوره إضافة إلى كونه واقعة متفردة في الزمان والمكان مما يجعل إمكانية تعميم التفسير غير واردة إطلاقا . فالواقعة التاريخية لا تفهم إلا إذا وضعت في سياقها الزماني والمكاني ضمن الحوادث المرتبطة بواقع المجتمع البشري المحدد ، فمن خلال ما تبقى من أثار مكتوبة أو غيرها يحاول المؤرخ بناء الحدث التاريخي بأبطاله وأناسه مبرزا ميولاتهم ورغباتهم وأهدافهم .و الغايات التي حركت تلك الجماعة نحو هدف ما . لهذا أي معرفة للتاريخ لن تكون معرفة خالصة بقدر ما تكتسي طابعا احتماليا نظرا لطبيعة الموضوع الذي يقتضي المزيد من التنقيب والتحقيق لبناء رؤية تقريبية للحدث التاريخي .
هل المعرفة التاريخية معرفة علمية ؟ وكيف تصبح معرفة الماضي ممكنة ؟
ابن خلدون : معرفة التاريخ تتم بواسطة العقل والحكمة
النظر العقلي
مارو: معرفة التاريخ هو معرفة علمية ينشئها المؤرخ
ما هو التعريف الذي يعطيه ابن خلدون للتاريخ ؟
يهتم التاريخ بسيرورة العمران الاجتماعي البشري
التاريخ هو تدوين لهذه السيرورة وهذا لا يتم إلا عبر النظر العقلي أي تفحص الماضي عقليا
التاريخ فن من الفنون في ظاهره سرد للأحداث وفي باطنه نظر وتحقيق لمعرفة الأسباب والعلل
هذا الفن له قيمة سامية ولتحقيقه يحتاج إلى دراية ومعرفة التاريخ له آلياته وطرقه للوصول إلى الحق
للتاريخ قواعد علمية يتبعها المؤرخ
التاريخ يرتبط بالعمران والسياسة والمجتمع لمعرفة حقيقة الحدث
التاريخ = معرفة
بنية النص : تفسيري تعليمي
المنهج : عقلي استقرائي
المفاهيم : العمران ، النظر ، التحقيق ، التعليل ، الرواية ، السرد ، الحكمة
ما هو التاريخ ؟
التاريخ هو معرفة الماضي الإنساني
والمعرفة لا تعني السرد أو الرواية
التاريخ هو إنشاء أثر مكتوب
المؤرخ عليه مهمة اجتماعية تقتضي منه إعادة بناء الحدث التاريخي ثم كتابته
التاريخ معرفة وليس بحثا لأن ما يقود التاريخ هو إعادة بناء الحقيقة وإنشاءها
لهذا التاريخ يتعارض مع ماينبغي أن يكون ومع كل تمثل خاطئ للماضي ويتعارض مع الخرافة واليوتوبيا والحكاية والرواية والأسطورة ..
التاريخ هو المعرفة العلمية المكونة للماضي
المعرفة العلمية تتعارض مع المعرفة العامية
المعرفة التاريخية معرفة تبنى وتتشكل وفق منهج منظم وصارم
بنية النص : تفسيري تعليمي
المنهج : تحليلي تفسيري
المفاهيم : معرفة ، إنشاء ، سرد ، بناء ، مهمة اجتماعية ، منهج
اشرنا في البداية أن المعرفة التاريخية تطرح إشكالات منهجية نظرا لطبيعة الموضوع الذي يتعلق بالماضي ، إضافة إلى كون الحدث التاريخي حدث متفرد ، لهذا وضع ابن خلدون تصورا علميا لمفهوم التاريخ وميز بين ظاهره وباطنه ، فالتاريخ لا يعني سرد أو رواية الأحداث بقدر ما هو تقص علمي وعقلي للحدث ؛ إن دراسة التاريخ لا تتوقف على معرفة بالواقعة بل لا بد من استحضار الفكر السياسي وفلسفة التاريخ وعلم الاجتماع والعلوم الاقتصادية ، إن التاريخ علم مرتبط بباقي العلوم الإنسانية كالسياسية والاقتصاد والعمران وعلوم الدين والأدب والفن .
ونسجل نفس التوجه العلمي لمعرفة التاريخ ، مع مالرو الذي عرفه بأنه معرفة للماضي الإنساني ؛ انه إنشاء عقلي للحدث التاريخي بطريقة منظمة ووفق منهج صارم .وهو مختلف تماما عن الحكاية والرواية . والتاريخ بكل مكوناته ونسيبته قابل للتجزيء لأنـــــه
مجموعة من الوقائع تستدعي الوضوح واستحضار أنه ضمن التاريخ الكبير يوجد التاريخ الحقيقي تاريخ الثقافات والديانات والروحانيات ...وهي تواريخ تساهم فعليا وبقوة في تغيير العالم . وهنا يركز مالرو على ضرورة انتهاء عمل المؤرخ إلى أثر مكتوب مستبدلا ثنائية الكتابة والسرد بثنائية البناء والكتابة .
نستخلص مما سبق أن التاريخ ليس هو الحوادث التي يدونها المؤرخ لأن المهم الذي لم يدون ومالم تؤسسه بعد المعرفة التاريخية بعبارة أوضح المسكوت عنه . لكي نزيح اللثام عن الأخطاء التي يمارسها الأفراد والجماعات ؛ لأن طبيعة المعرفة التاريخية معرفة منهجية هدفها استقراء الماضي ولا تتوقف .
ما علاقة التاريخ بالتطور والتقدم ؟ وما هو المنطق الذي يتبعه التاريخ ؟
ب – التاريخ وفكرة التقدم
التاريخ من حيث هو تسلسل الأحداث الماضية وفق منهجية محكمة يدفعنا إلى التساؤل عن منطق التاريخ هل يخضع لسيرورة خطية يكتنفها التكرار أم هناك انعراجات وانحرافات تجعل من الحدث متفردا لا يتكرر؟
تفرض علينا فكرة التقدم وضع صورة لمنطق التاريخ حيث يرى هيغل بأن الصيرورة تجعل التاريخ يتقدم نحو التحقق التدريجي لمبدأ الحرية وذلك من خلال الصراع القائم بين الأنوات صراع ينعدم فيه التكافؤ مثال حالة السيد والعبد ؛ وبالتالي التاريخ هو تلك الفكرة الكونية المجردة للحوادث ؛ وكأن هناك خط مرسوم داخل حركية التاريخ ، على عكس هذا التصور الستاتيكي يقول ماركس بفكرة تقدم التاريخ البشري نظرا لتقدم وسائل الإنتاج وتغيرها ، وفق منطق النفي النفي .
إن الصورة الإطلاقية والمغلقة للصيرورة التاريخية أصبحت متجاوزة لأن الفاعلية البشرية لا تخضع لخطط مطلقة ، ولا يمكن توجيهها بصورة ستاتيكية ، فالمجتمعات البشرية تعرف تحركات حلزونية نحو الأمام ولا تجعل من نموذج معين مثال يحتدى وهذا ما وضحته الدراسات الأنتربولوجية لأن الاختلاف الثقافي مسألة قائمة وتتولد عنها ممانعة لتنميط الحدث التاريخي وجعل مساره خطيا .
إدوار ه كار : التمييز بين فكرة التقدم والتطور
ماركوز: للتقدم وجهين : كمي وكيفي
كلود ليفي ستروش : التقدم لا يتم بصورة خطية
لابد من التمييز بين مفهومي التطور والتقدم
مفكرو التنوير وقعوا في خطأ حين قوانين التاريخ مساوية لقوانين الطبيعة
مفهوم التطور يتعلق بالطبيعة وهذا ما اظهرته الدراسات البيولوجية
بينما فكرة التقدم تتعلق بما هو اجتماعي
التقدم لا يفترض نهاية التاريخ لأن هذا تصور لا هوتي
التقدم هو عملية يتم فيها وضع مطالب العصور المتعاقبة وأحوالها إنه صيرورة
التقدم لا يسير في اتجاه خطي بقدر ما تحكمه انعراجات والتواءات
بنية النص : تعليمي نقدي وصفي
النهج : وصفي
المفاهيم : التطور ، التقدم ، التاريخ ، الاجتماعي
التفاعل الاجتماعي مصدر تقدم التاريخ الإنساني
للتقدم وجهين : * كمي * كيفي
التقدم الكيفي يعني أن كفاءات البشر ومعارفهم تنامت وأدت إلى تقدم تقني
التقدم الكيفي يعني تحقق الحرية الإنسانية تحقق الأخلاق
أي تزداد الأعداد البشرية التي حققت الحرية ووعي الناس بالحرية يدفعهم إلى توسيع الحرية
وتكون نتيجة التقدم أن الناس يصبحون أكثر إنسانية
في المقابل تتقلص العبودية والاضطهاد والعنصرية
نسمي إذن التقدم الكيفي بالتقدم ذي الأهداف الإنسانية
من هنا يظهر لنا أن هناك رابط بين ما هو كمي وما هو كيفي
التقدم التقني هو الشرط لكل تقدم إنساني
وليس التقدم الإنساني نتيجة أوتوماتكية للتقدم التقني
بنية النص : تقريري ، وصفي
المنهج : وصفي
المفاهيم : التقدم ، الكمي ، الكيفي ، الحرية ، الإنسانية ، التقنية الثروة الاجتماعية
ليس التقدم عملية تتم بصورة خطية
التقدم لا يكون متصل الحلاقات بل يتم عبر قفزات أي عبر تحولات فجائية
التقدم البشري لا يكون بصورة ستاتيكية
بل التاريخ يتم من خلال وثبات لا نكون بالضرورة قادرين على التحكم في نتائجه بصورة قطعية
نلاحظ من خلال النصوص السابقة أن فكرة التقدم شكلت محورا أساسيا لفهم التحولات التاريخية التي تعرفها المجتمعات ، وأن الباحثين اتفقوا على أن السيرورة التاريخية لا تكون بصورة خطية بقدر ما تحكمها انعراجات وانحرافات ، حيث يكتسي التقدم البشري مع ماركوز وجهين مترابطين تقدم كمي وتقدم كيفي الأول يرتبط بالمعارف والمكتسبات(الثروة البشرية) والثاني يرتبط بالحرية(الحياة الإنسانية) ؛ ويجعل من التقدم التقني شرطا لكل تقدم إنساني تحميل المفهوم أهدافا إنسانية مثل الحرية الديمقراطية العدالة ... ؛ بينما يرى ستروس بأن التقدم البشري لا يتم بشكل ستاتيكي بل عبر قفزات لانتحكم فيها بالضرورة . في حين ينتقد كار فكرة التقدم القائمة على التصور الخطي للتاريخ ، ويقترح تصورا يرى في تقدم التاريخ عبارة عن فطائع وانحرافات .. نتيجة تفاعل إنساني واقعي سيوسيو ثقافي ميزته أللاستمرارية .
ج- دور الإنسان في التاريخ
هل الإنسان فاعل تاريخي؟
لقد اشرنا إلى الرؤية المطلقة التي وضعها هيغل للتاريخ واعتبره نتيجة للضرورة لأنه يخضع للعقل الكوني من أجل غايات متعالية فالتاريخ هو الذي يصنع الإنسان حسب هيغل وكان الضرورة دفعت بالناس إلى صناعة الحدث . في مقابل هذا التصور السلبي لدور الإنسان في الحدث التاريخي ؛ نجد كارل ماركس يعتبر الإنسان المحور الأساسي في العملية التاريخية ، فالطبقة الاجتماعية فاعلا تاريخيا يصنع الحدث ، لكن صناعة الحدث لا تتم بطرقة ميكانيكية حرة بقدر ما هي نتيجة تفاعل طبقي اقتصادي سياسي. لأن الإنسان المشروع في المنظور السارتري فاعل تاريخي بالمعنى الوجودي والتاريخي .
التوسير: التاريخ سيرورة بدون ذوات فاعلة إنه نتاج أنساق متعالية
غولدمان : يرفض التصور الألتوسيري التاريخ هو نتاج ممارسات البشر
سارتر : الإنسان هو الذي يصنع التاريخ ويعطيه معنى إنساني
ما علاقة التاريخ بالذات الإنسانية ؟
يعرض ألتوسير أطروحة هيغل التي تقول إنه سيرورة بدون ذوات
إنه عملية اغتراب لأنه يرتبط بلحظات تطور الفكرة
التاريخ هو غربة الروح الإنسانية
إن التاريخ في المنظور الهيغيلي ينظر إليه باعتباره لحظة سيرورة بدون ذات فاعلة
وجدلية التاريخ تتم خارج الذات (غفل)
هذا التصور يلغي الفاعلية الإنسانية ويسلبها إرادتها وحريتها الذاتية
بنية النص : تفسيري
المنهج : بنيوي
المفاهيم : التاريخ ، الاستلاب ، الذات الفاعلة ، الروح ، الاغتراب الغائية ن الجدل
التاريخ في نظر هيغل = لحظة استلاب
يطرح النص العلاقة بين الذوات الفاعلة والبنيات التي تحكم هذه الذوات
التاريخ في نظره هو نتاج ممارسة البشر وعلاقاتهم المتنوعة والمتداخلة
تقوم فكرة التوسير على أن علاقات الإنتاج هي التي تخلق البنيات وتسند الأدوار
لكن التوسير لم يحدد من هي الذوات التي خلقت علاقات الإنتاج
البنيات وعلاقات الإنتاج لم تنتج أبدا شيئا
بل الناس في علاقاتهم ووعيهم وسلوكهم ينتجون الأحداث التاريخية
الناس هم الذين يخلقون اللغة
والناس وهم داخل علاقات إنتاج هم الذين يفعلون ويحولون الواقع وغيره
البنيات ليست سوى مظهر للعلاقات الإنسانية ولسلوك ولفكر وحياة الذات
بنية النص : حجاجي نقدي تقريري
المنهج : عقلي تحليلي
المفاهيم : التاريخ ، علاقات الإنتاج ، أنماط الإنتاج ، البنيات ، الأدوار السلوكات ، اللغة ، العلاقات الإنسانية ، الوقائع الإنسانية
يقول هيغل " ليس الإنسان سوى وسيلة في يد التاريخ فمكر هذا الأخير يجعل الإنسان يعتقد أنه صانع للتاريخ ، غير أنه لا ينفذ سوى إرادة التاريخ وفق مسار الروح المطلق " هذا التصور يلغي الفاعلية الإنسانية ويسلبها إرادتها وحريتها الذاتية ، التاريخ في نظر هيغل هو لحظة استلاب ، تعاني فيها الروح من حالة غربة . لأنه نتاج أنساق متعالية . عكس ذلك يرى التوسير بأن علاقات الإنتاج هي التي تخلق البنيات وتسند الأدوار ؛ بينما يؤكد غولدمان على دور الإنسان في صنع الحدث التاريخي ، فالناس في علاقاتهم ووعيهم وسلوكهم ينتجون الأحداث التاريخية ، أي أن الإنسان الفاعل هو الذي ينتج العلاقات الإنتاجية وبذلك يحول واقعه
المعرفــــــــــــــــــــــــة
شكلت المعرفة بمعناها الواسع موضوعا للبحث والدراسة مند القدم خاصة وأنها تمثل شكلا من أشكال الثقافة وعنصرا من عناصر الفاعلية البشرية فهي مرتبطة بالفعل الإنساني ومشروطة بقوانين التطور الاجتماعي والاقتصادي والمعرفي . ويكتسب الإنسان في عملية المعرفة جملة من المفاهيم الخاصة والمبادئ التي يستعملها في نشاطه العملي والعلمي من أجل فهم الطبيعة والإنسان .
المعرفة هي تعبير واضح على تحرر الذات من الطبيعة وتحويلها موضوعا للمعرفة ، وهي نتيجة للعلاقة الجدلية بين الذات العارفة والموضوع الخارجي ، وكل هذا ما كان ليتحقق لو لم تتوفر الشروط التالية :
ذات عارفة - موضوع تنصب عليه المعرفة - امتلاك الأدوات المعرفية
لم تعد المعرفة تكتفي بالملاحظة المدققة للواقع التجريبي ، بل أصبحت البنية العقلية تلعب دورا كبيرا في بناء المعارف وقد يكون للخيال العلمي والصدفة دورا في تطورها و لعل التغيرات الفكرية والواقعية والانتصارات العلمية التي حدثت غيرت السؤال المطروح حول المعرفة وأصبح المطلوب هو مدى صلاحية المعارف وقابليتها للتحقق ، وهذا ما حققته ابستيمولوجية القرن 20 التي توجهت إلى المعرفة بالنقد والتحليل مفاهيما ومبادءا ومناهجا لفك حالات الانحصار والجمود في العقل البشري .
ولم يقف طموح الإنسان عند هذا الحد بل تجاوزه إلى محاولة معرفة ذاته وتحويلها إلى مشروع للمعرفة العلمية مثال العلوم الإنسانية ؛
إن معرفة الواقع بكل أشكاله تتطلب الدقة والتنقيب حتى لا نسقط في الحقيقة المطلقة التي تؤدي إلى جمود العقل العلمي وهذا ما جعل الحقيقة المعرفية بمختلف أشكالها موضوعا إشكاليا بالدرجة الأولى من حيث المعايير المؤسسة لها و من حيث إمكانية تحقيق الموضوعية و من حيث قيمتها النظرية والمعرفية.
النظرية والتجريب
يقول دوهيم " الفكرة تفسر الظاهرة والظاهرة تبرر الفكرة " ، تنشأ الفكرة في مقابل الواقع المتنوع وبالانفصال عنه وتمكن من الكشف عن الأحداث التي تنفلت من التجربة المباشرة والآنية لأن الذكاء العلمي هو نتيجة انتقال العقل العلمي من التجربة الحسية إلى نظام مفاهيمي ؛ أي أن النظرية تعني المجموع المنظم والمتماسك الذي يدمج عددا كبيرا من الحوادث والقوانين حول بعض المبادئ ؛ أما التجريب فيعني الاختبار ، البحث، الدراسة إنه سؤال منهجي للظواهر للتحقق من فرضية أو عدة فرضيات ، باختصار النظرية هي محاولة تكوين صورة أو نموذج عقلي للواقع .وتعمل على اقتصاد المجهود الذهني وإضفاء النظام على القوانين . من هنا يمكن أن نتساءل عن علاقة النظرية بالتجربة .
التجربة والتجريب
لا بد من التمييز بين التجربة الحسية أو الواقعية والتجريب العلمي ، في العلم التجربة تأخذ أبعادا خاصة ونقصد بها إجراءات البحث العلمي والمقصود مسائلة الظاهرة ولقد حدد كلود برناد خطوات المنهج التجريبي :
الملاحظة العلمية : وهي مشاهدة الحوادث ومراقبتها وهي ليست ملاحظة عفوية بل موجهة وقصدية يلتزم فيها الملاحظ مبدأ الموضوعية
الفرضية : وهي إجابة مؤقتة لتفسير الظاهرة من خلال استحضار كل الأسباب الممكنة لوقوعها ، وهي مشروع قانون ، ولصياغة الفرضية لا بد أن تكون نابعة من صلب الواقع ، وأن تكون قابلة للتحقق، خالية من التناقض
التجريب : وهي إعادة بناء الظاهرة مخبريا ويتم التحكم فيها مما يتيح للباحث رؤية دقيقة للظاهرة مع إمكانية إعادتها إنها بتعبير آخر شكل من أشكال استنطاق الظاهرة .
القانون : هو العلاقة الثابتة بين حادثتين أو أكثر مثلا الماء يتبخر في درجة حرارة 100 وفي ضغط جوي 76 . هنا العلاقة بين الحرارة والتبخر . هناك ثلاثة صور للقانون * التعبير على تركيب مثل الماء مكون من هيدروجين 2 أوكسجين * أو التعبير على ثوابت عديدة مثال سرعة الضوء هي 3.10 8 M/S * أو علاقة ثابتة مثال خصائص الكبريت أصفر يبقى أصفر في درجة حرارة 120
هذه هي خطوات المنهج التجريبي كما حددها كلود برنار. لكن هل جميع الحوادث قابلة للفحص وفق المنهج التجريبي ؟
إن واقع المادة تغير ولم تعد المادة في شكلها الماكرسكوبي ، بل أصبحت واقع متناهي الصغر ، وانتقلنا من عالم الكتلة إلى عالم الطاقة ؛ والانتقال إلى عالم الميكروفيزياء وعالم الفضاء والذرة خلق أزمة على مستوى المنهج وبالتالي ضرورة تغيير نظرتنا إلى العالم ، هذا يعني الانتقال من الفيزياء الميكانيكية مع نيوتن إلى فيزياء نسبية مع اينشتين وظهرت نظرية الكوانتوم مع ماكس بلانك وفتح كل هذا التغير أفاقا جديدة في العلم بعيدا عن الرؤية التجريبية الضيقة التي جعلت مهمة النظرية تقتصرعلى الوصف واستخلاص القانون . وتكون التجربة هي معيار صدق النظرية أو العكس ، وبالتالي يصبح العقل سجين التجربة مهمته تسجيل نتائجها . أما العقلانية الجديدة لم تحصر وظيفة النظرية في الوصف لأن الواقع المدروس غير قابل للوصف لصغره بل أصبح التجريب بناء عقلي ذهني إبداعي مجرد افتراضات مفتوحة على الممكن ؛ بهذا الشكل حلت النزعة الرمزية الرياضية محل النزعة التجريبية الحسية .
كلود برنار : خطوات المنهج التجريبي
روني توم : الفعالية التجريبية
ما طبيعة المنهج التجريبي ؟
يعرف المنهج التجريبي الخطوات التالية :
الملاحظة نموذج تجربة الأرانب
الفرضية وهي تفسيري مؤقت للظاهرة
التجريب وهي مرحلة التحقق من الفرضية من خلال الاختبار
النتيجة أو القانون المفسر للظاهرة
إن الملاحظة تدفع إلى التساؤل الذي يؤدي بدره إلى إنشاء الفرضية ، والتجريب يمكننا من التحقق من الفرضية لتصبح قانونا تعبر عن علاقة ثابتة
خصائص التجريب : * عزل الظاهرة
تكرارها
تغيير شرط التجربة
تلعب الصدفة أحيانا دورا في بناء الفرضية مثال ملاحظة لون الأرانب بالصدفة
بنية النص : تفسيري تعليمي تقريري
المنهج : تجريبي
المفاهيم : الصدفة ، التجريب ، المختبر ، الملاحظة ، الفرضية
التجريب كفعالية ما مدى صلاحيته ؟
لا يوجد تجريب بالمعنى الصارم للتجربة
البنية العامة للتجربة تمر من الإجراءات التالية :
عزل المجال ونقصد به المختبر وقد تكون حدوده واقعية أو خيالية
ملأ هذا المجال بالمواد التي تشكل عناصر النسق المدروس التحضير المسبق
إحداث خلل في النسق المدروس
نسجل استجابات النسق المدروس
بهذا الشكل نحصل على الواقعة التجريبية ولا يمكن أن تكون علمية إلا إذا استوفت الشروط التالية :
قابلية الواقعة للتكرار
أن تثير الواقعة اهتمام الباحث نظريا وعمليا
بنية النص : تفسيري ، حجاجي ، تقريري
المنهج : تجريبي تحليلي
المفاهيم : البنية ، عزل المجال ، النسق المدروس ، المختبر ، الواقعة التجريبية ،
لم تعد التجربة في شكلها التقليدي مواكبة للتطورات الحاصلة على مستوى التصور العلمي للواقع ، بقدر ما أضحت عائقا أمام أي اكتشاف لأنها ظلت رهينة الواقع الساكن الميكانيكي ، أما التجريب في نظر كوري فهو المساءلة المنهجية للطبيعة بهذا الشكل يميز كويري بين التجربة في صورتها الخام والتجريب المنظم . ونفس الشيء قام به توم الذي يرى بأن العلم الكلاسيكي يعتمد التكرار كأساس لبناء التجربة هدفها التحقق من صلاحية الفرضية اختباريا ، بينما التجريب المعاصر تجريب ذهني بالدرجة الأولى يبنى في العقل وهذا هو الشكل الإبداعي للتجريب المعاصر إنه تجريب مفتوح على الممكن . يقول روني توم" لا يشكل التجريب العلمي في معناه التقليدي مقوما وحيدا في تفسير الظواهر ، بل لا بد من اعتبار عنصر الخيال وإدماجه في عملية التجريب . إن الخيال هو تجربة ذهنية تمنح للواقع غنى"
هذا التصور المعاصر جاء منسجما مع التطورات المعرفية والتكنولوجية التي عرفتها البشرية ، التي أجبرت العقل على التحرر من النظرة الستاتيكية للمادة كما هو الشأن مع كلود برنار .
ب – العقلانية العلمية
لم يعد مجال للعقلانية المطلقة أو الواقعية المطلقة بل حل محلها نموذج جديد من العقلانية المطبقة يقول باشلار " هذه العقلانية الفعالة تتعارض مع الفلسفة التجريبية التي تنظر إلى الفكرة كما لو كانت تلخيصا للتجربة وذلك بالفصل بين
التجربة وكل قابليات التهيء " عقلانية أصبحت أكثر انفتاحا على الممكن . ترفض الصرامة المنطقية للعقلانية الديكارتية التي تعتبر العقل وحده مصدر المعرفة ، وترفض أن تكون المعرفة مجرد انعكاس للواقع الحسي كما تصور ذلك
التجريبيون ، إنها عقلانية تقيم حوارا بين العقل والتجربة يقول باشلار " إن العقلانية العلمية المعاصرة هي عقلانية فلسفية مطبقة تقوم على يقين مزدوج يوجه النشاط العلمي التجريبي ويجعله مشروطا بحوار جدلي بين ما هو عقلي وما هو واقعي ". تأخذ المعلومات وتحولها إلى برامج ومعادلات رياضية . ظهور عقلانية معاصرة تمثل رؤية جديدة تحاول استيعاب مظاهر جديدة ،انفتحت على التحولات التي وقعت في الرياضيات والهندسة الفراغية ، وأصبح المنهج الأكسيومي الموجه للبحث العلمي .
ريشنباخ : مشكلة العقلانية العلمية بين الوضعية والنزعة الصوفية
بلانشي : العقلانية العلمية تجريبية وبعدية بعيدا عن أي اطلاقية . عقلانية منفتحة
هل تمثل المعرفة العقلية معرفة علمية؟
إن تعالي بنية العقل على التجريب لا يؤسس معرفة علمية
المذهب العقلي يعتمد على ذاته باعتبار العقل مصدر المعرفة
المعقولية تقتضي استخدام العقل على مادة الملاحظة
العقلانية المطبقة
إن اعتبار العقل مصدرا للمعرفة دون الرجوع إلى التجربة يسقطنا في التصورات المثالية للمعرفة
الاعتقاد بأن للعقل قوة خاصة يؤدي إلى الاستبصار العقلي محل الإدراك الحسي
هكذا عندما يتخلى الفيلسوف عن الملاحظة التجريبية يسقط في النزعة الصوفية
المعرفة العلمية تقتضي ربط طها بمعطيات التجربة
خلاصة القول الأنساق الرياضية التي تتعالى عن التجربة تنتهي إلى الانغلاق
إذن العقلانية الذاتية لا تؤسس معرفة علمية
مالذي يؤسس المعرفة العلمية ؟ المعقولية تقتضي استخدام العقل على مادة الملاحظة
يعتقد المذهب التجريبي أن معطيات العقل تأتي من الواقع التجريبي فقط
العقلانية المعاصرة تعتقد بأن المبادرة تأتي من العقل
النزعة الإختبارية تعتبر العقل مرآة تنعكس فيه معطيات التجريب
العقلانية الكلاسيكية تعتقد بأن هناك بنية عقلية قبلية
نموذج برجسون الذي يرى بأن العقل يتكيف مع الوقائع أو كما وضع كلود برنار خطوات المنهج التجريبي الذي يعمل وفق بنية العقل القبلة
إن تاريخ العلم بين بأن المعرفة العلمية تعرف تحولات تأخذ صورة مراجعة وتصحيح وفق ما تعرضه التجربة
العقل العلمي في عمله يراجع مبادءه وقواعده ومنطلقاته لينزع عنها صفة الإطلاقية والثبات
عقلانية بلانشي عقلانية متحررة من المسلمات منفتحة على الممكن
بهذا الشكل وجه نقدا للنزعة الإختبارية والصورية
لقد أقر باشلار بأنه لا مجال للعقلانية المطلقة ، والواقعية المطلقة ، واقترح نموذجا جديدا للعقل أطلق عليه اسم العقلانية المطبقة يقول باشلار " هذه العقلانية الفعالة تتعارض مع الفلسفة التجريبية التي تنظر إلى الفكرة كما لو كانت تلخيصا للتجربة " عقلانية أصبحت أكثر انفتاحا وتقبل أن يعاد النظر في المبادئ والأسس بحثا عن العوائق والأخطاء. وهذا ما أكده أيضا بلانشي حين أشار بأن العقلانية التي يدعوا إليها متحررة من المسلمات منفتحة على الممكن . ونفس الشيء لم تعد العقلانية التجريبية تؤسس المعرفة العلمية بل المعقولية لأنها تقتضي استخدام العقل على المادة .
كيف نحدد علمية النظرية ؟
ج – معايير علمية النظريات
لقد اعتقد العقلانيون القدماء بأن العقل هو معيار الحقيقة العلمية لهذا كان ديكارت يشترط البداهة والوضوح العقلي ، وأسس كانط موضوعية تجمع بين العقلي والحسي أما التجريبيون رؤوا بأن التجربة هي مصدر الحقيقة و النظرية ومجال التحقق من صلاحيتها ، ها التصور بدأ مع علماء الفزياء القدماء إلى الفيزياء الحديثة مع نيوتن ، لكن الوقائع المعرفية الجديدة أجبرت العقل على إعادة النظر في التصورات القديمة والحديثة ، لأن التجريدات العلمية الصحيحة كلها تعكس الطبيعة ، فمن التأمل الحسي إلى الفكر المجرد ومن الفكر المجرد إلى الممارسة العلمية ، ذلك هو مسار المعرفة العلمية . لم يعد الواقع كما كان يدركه القدماء والكلاسيكيون واقعا مجسما أو جوهرا مطلقا بل أصبح أكثر تعقيدا أكثر صغرا مما جعل المبادئ السابقة غير قادرة على استيعاب هذا الواقع وبالتالي لم يعد للقانون نفس الدقة والإطلاقية لقد أصبح القانون يحمل طابعا احتماليا .
فالنظريات العلمية المعاصرة أصبحت مجرد إنشاءات عقلية حرة قابلة لأن تجدد إلى ما لا نهاية . أي أن تاريخ العلم أصبح تاريخ تصحيح أخطاء ( باشلار). وأن علمية النظرية تتحدد في قابليتها للتكذيب على حد قول بوبر . يقول بوبر" إن النظرية العلمية التجريبية الأصلية هي التي تستطيع أن تقدم الاحتمالات الممكنة التي تفند بها ذاتها وتبرز نقط ضعفها ، وتخضع بصفة قبلية ، فروضها لمعيار القابلية للتنفيذ أو التكذيب ".
نص كارل بوبر : معايير علمية النظرية
يبدأ بوبر بتحديد مراحل التحقق العلمي من النظرية
المقارنة المنطقية للتحقق من تماسك النسق النظري
البحث في الصورة المنطقية لتحديد طبيعة النظرية هل هي علمية أم تحصيلية
المقارنة بين النظرية رهن البحث وأخرى لمعرفة ما إذا كانت ستشكل تقدما معرفيا
اختبار صحة النظرية بالقيام بتطبيقات تجريبية
التنبؤ أوالتوقعات تأتي كنتيجة للممارسة
تتلخص معايير علمية النظرية في : - الاتساق المنطقي - التحقق التجريبي - قابلية التكذيب